عن خدمة الإرشاد الكتابي

أعتقد أن الكتابة أشبه بعملية ولادة.

ومن شخص جرب الولادتين مجازاً وفعلاً

أقول لك بأنها عملية صعبة تحتاج إلى دعم ومساندة حتى تتم.

عام ٢٠١٤م في سنتي الجامعية الأولى وبينما انشغل الجميع بتجميع الدرجات، انشغلت في كتابة روايتي الأولى غرض نيل شهادة دبلوم حول الدراسات الفلسطينية. (نعم يا سادة كنت أرى أن السنة التحضيرية للأدبي سهلة لدرجة بحثي عن دبلوم أتعلمه وأشغل وقتي به!)

أذكر جيداً لحظة ولادة الجملة الأولى، إذ يومها ذرعت البيت جيئة وذهاباً في انتظار الكلمة الأولى، وفي انتظار ولادة الفكرة..

وبعد ساعة صعبة، جاءت الجملة، هرعت للغرفة أدونها قبل أن تفر مني، ومن بعدها انهالت الكلمات وكتبت روايتي، بالحبر والدموع.

بالحبر لأنجزها، أما الدموع فكانت نتيجة نقاشاتي الممتدة حول الفكرة والرواية مع صديقتي ساره كحلوت، التي كانت تصفعني بتعليقاتها فأبكي ثم أكتب، وفي كل مرة أعود إليها يصير النص أجود، والفكرة أوضح.

بعد تلك التجربة، لم أكتب رواية أخرى، وقضيت العشر سنوات الماضية باحثة عن سبب ذلك، ما الذي كنت أمتلكه في ذلك الوقت وفقدته بعدها؟

توصلت للكثير من الإجابات المتعددة، شيء متعلق بوضوح الفكرة في ذهني، وآخر عن علاقة القراءة بالكتابة، وثالث عن الالتزام، ورابع وخامس..

تركت كل هذه الإجابات وانشغلت بالتخرج والتدريس ثم الماجستير والعمل مع القطاع غير الربحي، ولوهلة ظننت أن علاقتي بالكتابة لن تعود، وأن أفضل نص سأكتبه هو ما سيدون في دليل عن تطبيق التطوع، أو عن بناء قدرات الجمعيات الأهلية.

حتى جربت المخاض الحقيقي، وولدت طفلاً لا معنى، وفي هذه المرة كذلك كتبت قصتي مع الصغير بالحبر وبالدموع.

بالحبر لأن الشيء الوحيد الذي أبقى على عقلي بعد الإنجاب كانت الكتابة، وبالدموع لأن رعاية طفل صغير في الغربة لم تكن كما تخيلت أبداً!

وبعد الإنجاب صار وقتي محدوداً، وصرت ملزمة بتقييم أولوياتي في الحياة لتتناسب مع احتياجاته وتوقعاتي من نفسي.

وكل هذه المسائل على حديتها كانت تعيدني للكتابة وللقراءة، وتذكرني بكم أحب هذين الفعلين وأبرع فيهما إلى حد ما..

وبعد عامين من ولادة الصغير، والكثير من الصراعات والنقاشات.. قررت العودة إليهما، على أمل أن أكتب رواية جديدة، وقصصاً للأطفال جيدة!

لكن قبل أن أبدأ رواية جديدة، سألت نفسي: ما الذي فعلته بكل الإجابات التي جمعتها حول عدم قدرتي على كتابة رواية جيدة؟

أثناء ذلك سمعت بمصطلح: book coach، من صديقتي جمان العمري.

بحثت عنه، ووجدت فيه ضالتي، قلت لنفسي: جزء من إنجاح تجربة الكتابة أن تجد من يسمعك ويلسعك، وأن تلتزم.

فقررت أن أوظف إجاباتي، وتجاربي مع التدريس، والعمل في القطاع غير الربحي الذي يدور حول تمكين الجهات والأفراد، في تقديم الدعم والعون للكتاب.

فكثيرون مني، يريدون أن يكتبوا وأن يريحوا عقلهم من الفكرة التي تؤرقهم، لكنهم عاجزون عن إخراجها.

ولأجلهم ثم لأجلي، أنا هنا.